قالوا للحمار
سمع الحمار أصواتا في ظلمة الليل فارتعدت فرائصه
كيف لا وهو الذي عاش طوال حياته مسالما صابرا لم يأذ أحدا بل تحمل أذى بني البشر وسبابهم وضربهم ووصفهم له بأنه رمز الغباء رغم طاعته العمياء لهم ورغم ما ينوء بحمله ظهره المسكين من أثقال
نظر خارج الباب
فوجد بقرة ضخمة وخنزيرا
وسمع صوتا رقيقا فأمعن النظر رغم ظلمة الليل فتبين له أنها دجاجة توارت خلفهم بحجمها الضئيل
قالت البقرة : جئناك عاتبين عليك
قال الحمار : لماذا ؟!! ماذا فعلت ؟
قالت البقرة : تلك هي المشكلة .. إنك لا تفعل شيئا
قال الحمار : لم أفهم
قالت البقرة : حين تمادى بنو البشر في إيذائنا .. قررنا أن ننتقم منهم
قال الحمار : ما زلت لا أفهم
قالت البقرة : ألم تسمع عن جنون البقر الذي أرهب العالم وأرعبه منذ سنوات ؟!! لقد كان ذلك ردة فعلنا على ما فعله الإنسان بنا .. إنهم يذبحوننا بلا رحمة وبلا ذنب ارتكبناه وبلا محاكمة .. وقبل ذبحنا يأخذون حليبنا .. ويربطون أعيننا لندور في الساقية طوال اليوم بلا ساعات عمل محددة ولا over time ولا إجازات .. حتى إعلانات الأجبان .. يصوروننا ويكسبون المليارات من ورائنا ثم يذبحوننا .. ويقيمون الولائم على حساب حياتنا وكرامتنا ...
فقررنا الاتحاد مع بعض الجراثيم حتى انتقمنا منهم وأصبنا بعضهم بجنون البقر .. أما أنت أيها الحمار فلم تفعل شيئا !!!
نهق الحمار نهقة بسيطة ثم نظر إلى الدجاجة
وسألها الحمار : وأنت .. لماذا أتيتني في ظلمة الليل ؟ وأين الديك ؟
قالت الدجاجة : لم يعد هناك ديوكا شجعان بين الدجاج .. تماما مثل البشر ..
قال الحمار : ما قصتك ؟
قالت الدجاجة : لقد تعرضنا لأسوأ معاملة من بني البشر .. إنهم يبيعوننا ونحن كتاكيت أبرياء ولا يرحمون حتى طفولتنا البريئة .. ويحبسوننا في أقفاص خانقة مزدحمة حتى يذبحوننا فيأكلون ويمرحون .. حتى عظامنا بعد الأكل يلقون بها للقطط الضالة ..
فقررنا الانتقام والاتحاد مع بعض الفيروسات الشاردة .. وصنعنا سويا إنفلونزا الطيور .. فأصبنا البشر بالرعب وقتلنا منهم الكثير ...
تحرك الخنزير حتى صار في مقدمتهم
وقال الخنزير للحمار : أما أنا فلقد حصدت منهم الآلاف ولا أزال .. بعد أن عذبونا وتركونا نأكل قمامتهم ثم قتلونا بلا رحمة ..
فاتحدنا مع أحد الفيروسات الضالة - وكان يبحث عن عمل - وصنعنا سويا إنفلونزا الخنازير التي زلزلت الأرض تحت أقدامهم
نظر الحمار مليا إليهم وبعد أن تثاءب
قال : وماذا تظنوني فاعلا ؟
قالوا : فكر في الأمر واتحد معنا
قال الحمار باستغراب شديد : أفكر ؟!!!
قالوا : وما الغرابة في هذا ؟
قال الحمار : ألا تعلمون أنني إذا فكرت ... لن أكون حمارا !!!